سورة الصافات - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصافات)


        


{وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين} يعني يوم الحساب والجزاء {هذا يوم الفصل} أي القضاء وقيل بين المحسن والمسيء {الذي كنتم به تكذبون} أي في الدنيا {احشروا} أي اجمعوا {الذين ظلموا} أي أشركوا وقيل هو عام في كل ظالم {وأزواجهم} أي أشباههم وأمثالهم فكل طائفة مع مثلها فأهل الخمر مع أهل الخمر وأهل الزنا مع أهل الزنا وقيل أزواجهم أي قرناءهم من الشياطين يقرن كل كافر مع شيطانه في سلسلة وقيل أزواجهم المشركات {وما كانوا يعبد ون من دون الله} أي في الدنيا يعني الأصنام والطواغيت وقيل إبليس وجنوده {فاهدوهم إلى صراط الجحيم} قال ابن عباس أي دلوهم إلى طريق النار {وقفوهم} أي احبسوهم {إنهم مسؤولون} لما سيقوا إلى النار حبسوا عند الصراط للسؤال قال ابن عباس عن جميع أقوالهم وأفعالهم ويروى عنه عن لا إله إلا الله وروى عن أبي برزة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه» وفي رواية. «عن شبابه فيما أبلاه» أخرجه الترمذي وله عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفاً يوم القيامة لازماً به لا يفارقه وإن دعا رجل رجلاً» ثم قرأ: {وقفوهم إنهم مسؤولون ما لكم لا تناصرون} أي تقول لهم خزنة جهنم توبيخاً لهم ما لكم لا ينصر بعضكم بعضاً وهذا جواب لأبي جهل حيث قال يوم بدر نحن جميع منتصر قال الله تعالى: {بل هم اليوم مستسلمون} قال ابن عباس خاضعون. وقيل منقادون والمعنى هم اليوم أذلاء منقادون لا حيلة لهم.


{وأقبل بعضهم على بعض} يعني الرؤساء والأتباع {يتساءلون} يعني يتخاصمون {قالوا} يعني الرؤساء للأتباع {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} يعني من قبل الدين فتضلوننا وتروننا أن الدين ما تضلوننا به. وقيل كان الرؤساء يحلفون لهم أن الدين الذي يدعونهم إليه هو الحق والمعنى أنكم حلفتم لنا فوثقنا بأيمانكم وقيل عن اليمين أي عن العزة والقدرة والقول الأول أصح {قالوا} يعني الرؤساء للأتباع {بل لم تكونوا مؤمنين} يعني لم تكونوا على حق حتى نضلكم عنه بل كنتم على الكفر {وما كان لنا عليكم من سلطان} يعني من قوة وقدرة فنقهركم على متابعتنا {بل كنتم قوماً طاغين} يعني ضالين {فحق علينا} يعني وجب علينا جميعاً {قول ربنا} يعني كلمة العذاب وهي قوله: {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} {إنا لذائقون} يعني أن الضال والمضل جميعاً في النار {فأغويناكم} فأضللناكم عن الهدى ودعوناكم إلى ما كنا عليه {إنا كنا غاوين} أي ضالين قال الله تعالى: {فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون} يعني الرؤساء والأتباع {إنا كذلك نفعل بالمجرمين} قال ابن عباس الذين جعلوا لله شركاء ثم بين تعالى أنهم إنما وقعوا في ذلك العذاب باستكبارهم عن التوحيد فقال تعالى: {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون} أي يتكبرون عن كلمة التوحيد ويمتنعون منها {ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى رداً عليهم {بل جاء بالحق وصدق المرسلين} يعني أنه أتى بما أتى به المرسلون قبله من الدين والتوحد ونفي الشرك.


{إنكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون} أي في الدنيا من الشرك والتكذيب {إلا} أي لكن وهو استثناء منقطع {عباد الله المخلصين} أي الموحدين {أولئك لهم رزق معلوم} يعني بكرة وعشياً وقيل حين يشتهونه يؤتون به وقيل إنه معلوم الصفة من طيب طعم ولذة ورائحة وحسن منظر ثم وصف ذلك الرزق فقال تعالى: {فواكه} جمع فاكهة وهي الثمار كلها رطبها ويابسها وكل طعام يؤكل للتلذذ لا للقوت. وقيل إن أرزاق أهل الجنة كلها فواكه لأنهم مستغنون عن حفظ الصحة بالأقوات لأن أجسادهم خلقت للأبد فكل ما يأكلونه على سبيل التلذذ ثم إن ذلك حاصل مع الإكرام والتعظيم كما قال تعالى: {وهم مكرمون} أي بثواب الله تعالى ثم وصف مساكنهم فقال تعالى: {في جنات النعيم على سرر متقابلين} يعني لا يرى بعضهم قفا بعض ثم وصف شرابهم فقال تعالى: {يطاف عليهم بكأس من معين} كل إناء فيه شراب يسمى كأساً وإذا لم يكن فيه شراب فهو إناء وقد تسمى الخمر نفسها كأساً قال الشاعر:
وكأساً شربت على لذة ***
ومعنى معين أي من خمر جارية في الأنهار ظاهرة تراها العيون {بيضاء} يعني أن خمر الجنة أشد بياضاً من اللبن {لذة} أي لذيذة {للشاربين لا فيها غول} أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها وقيل لا إثم فيها ولا وجع البطن ولا صداع وقيل الغول فساد يلحق في خفاء وخمر الدنيا يحصل منها أنواع من الفساد ومنها السكر وذهاب العقل ووجع البطن وصداع الرأس والبول والقيء والخمار والعربدة وغير ذلك ولا يوجد شيء من ذلك في خمر الجنة {ولا هم عنها ينزفون} أي لا تغلبهم على عقولهم ولا يسكرون وقيل معناه لا ينفد شرابهم ثم وصف أزواجهم فقال تعالى: {وعندهم قاصرات الطرف} أي حابسات الأعين غاضات العيون قصرن أعينهن على أزواجهن فلا ينظرن إلى غيرهم {عين} أي حسان الأعين عظامها {كأنهن بيض مكنون} أي مصون مستور شبههن ببيض النعام لأنها تكنها بالريش من الريح والغبار فيكون لونها أبيض في صفرة ويقال هذا من أحسن ألوان النساء وهو أن تكون المرأة بيضاء مشوبة بصفرة والعرب تشبه المرأة ببيض النعامة وتسميهن ببيضات الخدور.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7